Monday, April 15, 2013

تنهيدة-1

أشرحلك الموضوع إذاى...بصي, مش حتنامي براحتك تاني أبدا!

مثل الكثير من الأمهات الجدد, كنت أفترض أن النوم و الأمومة لا يجتمعان...
من القصص التى سمعتها كثيرا من المجربين, تصورت أن الأطفال لا يتعلمون النوم مبكرا الا عندما يدخلون الحضانة!
عادى كلها كام سنة ويعدوا!
بس الحقيقة لما وصل سن ابنى حبيبى ل 8 شهور وصلت أنا للحضيض!
فإبنى منذ ولادته يتصرف  :اى خفاش يحترم نفسه, فهو يستيقظ طوال الليل و ينام وش ا لصبح, فى البداية كان ينام فى الثالثة فجرا... ثم تطور الموضوع حتى وصل الى السابعة و بعد السابعة كذلك!
بالطبع مثل أى أم لجأت للنصائح ممن حولي...لكن شيئا لم ينجح...فالأسلوب الأكثر شيوعا و هو نوم الأسرة كلها فى نفس الفراش, أو نوم الأم مع الطفل فى فراش كبير دافئ لم ينجح مع " أحمد" بالمرة أبدا فهو لا يسترخي وينعس بل على العكس يصرخ ولايهدأ حتى أغادر الفراش حاملة اياه!
أخبرنى الكثيرين الا أقلق و أن طفلي سينام فى نفس موعد الكبار منه لنفسه بعد بضع شهور....لكن ذلك لم يحدث بالمرة!
النتيجة أننى منذ ولادة إبني و أنا فى حالة وحدة وظلام دائمين, فأنا أستيقظ و أنام عكس مواعيد استيقاظ و نوم زوجي فأصبحنا لا نلتقى الا بضع دقائق فى اليوم أقضيها أنا حاملة طفلى متعكر المزاج و محاولة أن أفهم أو أقول كلمتين فوق صراخه!
ولأن العادة فى الأردن أن تكون الزيارات النسائية نهارا بينما الأزواج فى أشغالهم فحياتى الاجتماعية أصبحت معدومة لأن هذا هو الوقت الذى أكون نائمة فيه.
لكن أسواء شئ فى الموضوع هو أنني كنت بعيدة كل البعد عن صورة الأم التى تصورتها فى خيالي, فأنا لا أستمتع باللعب مع طفلي ولا بالوقت الذى نقضيه سويا على الاطلاق.
فكل ما يدور فى ذهنى طوال الليل وسط الصداع القاتل و الطنين فى أذنى هو متى ينااااااااااااااااااااااااااااام, و كيف أتحمل هذا الوضع بضع سنين آخرى حتى ينتظم فى المدرسة وأنا غير قادرة على تحمل بضع ساعات آخرى؟؟؟؟
كم إشتقت الى تناول وجبة ما بدون يديه الصغيرتين "تدبدبان" فى صحنى ويجذب الشوكة من يدي...
كم إشتقت للطبخ و التنظيف بيدين إثنين و بدون صراخ و عويل كموسيقى تصويرية!
كم أفتقد كوب الشاي الساخن الذى لا أجروء على شربه خوفا على طفلى الذى يضرب كل شىء بيديه...
كم و كم و كم...
بالتأكيد الكثير من الأمهات يفهمن كيف أشعر و الكلمة المفضلة من من يسمع بموضوعي هى..
     طب مفيش حد تسيبي الولد عنده حبة وتاخدي وقت راحة كدة"
الاجابة لا, ولأن أهل زوجى يقطنون فى مدينة آخرى فلم يكن فى امكاني الاستعانة بهم ولا ترك ابنى النكدي الغير معتاد على أى أحد معهم وحده...
وبينما أنا فى حالة الهذيان المستمر هذه, ذهبنا لزيارة أحد اقارب زوجى فى ليلة سعيدة من ليالى الخريف...
وصلنا لبيت الناس فى حوالى التاسعة مساءا...
وبعد السلامات و التحيات لاحظت غياب أم لديها طفله قريبة من عمر ابنى عن المجلس...
بالسؤال عرفت أنها فى الداخل تضع طفلتها للنوم لأن موعد نومها قد حان!
      ايه الخيال العلمى ده؟؟؟؟ طفل رضيع وموعد نوم فى نفس الجملة؟؟؟؟؟
مش مصدقة الى سمعته ده...
بعد بضع دقائق وصلت الأم المذكورة بعد أن نامت الطفلة لتنضم للمجلس...
بعد السلامات وضعت الأم جسمها على مقعد فارغ ثم تنهدت تنهيدة عميقة....
علي الأرجح لم يلحظ أحد غيرى هذه التنهيدة لكننى لاحظتها لأنها تعنى الكثير....جدا
لأنها تنهيدة يطلقها الشخص الذى يشعر انه أنهى مسؤلياته لهذا اليوم...أعرفها لأننى لم أتنهدها منذ,,,بالنسبة لى بدا كأننى لم أتنهدها منذ الاف السنين....لا أتنهدها لأنى أمارس حياتى كلها وابنى على كتفى فلا استرخاء ولا راحة بينما مسؤلية الطفل المستيقظ قائمة, وحتى عندما ينام هو واذهب أنا للنوم لا أكون مسترخية لأننى أعلم أننى سأستيقظ بعد ساعتين على صراخه من جديد! لذلك فا أنا لا تنتهى مسؤليات اليوم بالنسبة لى أبدا!
هذه الأم الرائعة التى بدت فى عينى فى هذه اللحظة كبطل خارق, ستجلس الأن مع الكبار و ستحتسي الشاي الساخن و....تسترخي.

بلهفة سألتها كيف فعلتها؟ كيف حققت هذه المعجزة؟؟؟
أجابتني بابتسامة هادئة:

"عادى أنا "معاوداها" على كدة".
هاه؟؟؟؟ ايه؟؟؟ هو فيه حاجة اسمها "نعود" الطفل على أى حاجة؟؟؟
أنا اللى أعرفه إن الطفل بياكل وينام و يشرب وقت ما هو عاوز! و"التعويد" على أى حاجة بيحصل بعد ما الطفل يوصل لمرحلة الكلام!
لم أتمكن من فهم كيف أنجزت هذه الأم هذه المعجزة, فمن الواضح أننا قادمين من عالمين مختلفين... أنا من عالم الأطفال المتمردين و هى من عالم الأطفال المتعودين...أمها دربتها و هى دربت أبنتها لأن هذا العادى والمعتاد...

أسواء ما يمكن أن يحدث لأى أم جديدة "طالعان عينيها" مع طفلها أن يشعرها أحدهم بمدى فشلها... 
الأمر الذى كثيرا للأسف ما يجعل الأم تضع الكثير من الضغط على نفسها و الأسواء على طفلها..

كل أم و كل طفل حالة خاصة متفردة من نوعها... وهذا هو الدرس الوحيد الذى يجب أن تتعلمه كل أم!

...لكن القصة لم تنتهى هنا...بل بدأت...



No comments:

Post a Comment